الفتوى رقم: ٣٠ الصنف: فتاوى العقيدة - الولاء والبراء السؤال: ما حكمُ قراءةِ الإنجيلِ والتوراةِ؟ وما الجواب عن شُبهة ثبوتِ قراءتِها عن شيخ الإسلام؟ الجواب: الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد: فلا تجوزُ قراءةُ الكتبِ التي امتزج فيها حقٌّ وباطلٌ دَرْءًا للمفسدةِ الحاصلةِ بقراءتِها على دينِ المسلمين، والمبتغي للحقِّ يجده في مَصْدَرَيِ الثِّقةِ والائتمانِ وهما: الكتابُ والسُّنَّةُ؛ إذْ لا يخرج الحقُّ عنهما، ولذلك حذَّر النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآلِه وسَلَّمَ مِن كُتُبِ أهلِ الكتابِ كما في قِصَّةِ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رضي الله عنه الذي أتى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآلِه وسَلَّم بكتابٍ أصابه مِن بعضِ أهلِ الكتابِ فَغَضِبَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وقال: «أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ، أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي» ( ١).
وقد يجوز للعالم البصير أن ينظر فيها للرد على خصوم الإسلام من اليهود والنصارى ، كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم بالتوراة لما أنكر اليهودُ الرجم حتى اطلع عليها عليه الصلاة والسلام ، واعترفوا بعد ذلك. فالمقصود: أن العلماء العارفين بالشريعة المحمدية قد يحتاجون إلى الاطلاع على التوراة أو الإنجيل أو الزبور لقصد إسلامي ، كالرد على أعداء الله ، ولبيان فضل القرآن وما فيه من الحق والهدى ، أما العامة وأشباه العامة فليس لهم شيء من هذا ، بل متى وُجد عندهم شيء من التوراة أو الإنجيل أو الزبور ، فالواجب دفنها في محل طيب أو إحراقها حتى لا يضل بها أحد" انتهى. سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله "فتاوى نور على الدرب" (1/9، 10). والله أعلم
تاريخ النشر: الثلاثاء 12 جمادى الآخر 1431 هـ - 25-5-2010 م التقييم: السؤال أحيانا أقرأ بعض المقاطع في الإنجيل ولا أعرف هل هي كلام الله أم كلام البشر، لا أميز، وهذه الآيات تدعو إلى الأخلاق الفاضلة، فتعجبني ، ولكن المشكلة أنني لا أعلم هل هي كلام الله أم كلام البشر ، إذا أعجبتني وكانت في الحقيقة كلام البشر فقد رضيت بالتحريف وكفرت، وإن جاهدت نفسي حتى لا أعجب بها فقد تكون في الحقيقة كلام الله فكيف أكره كلام الله وأعرض عنه؟ أرجو الرد على هذه الشبهة التي تحيرني كثيرا. الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإنه لا يجوز الجزم بأن شيئا من الكلام الموجود في الأناجيل الموجودة اليوم من كلام الله تعالى ولا تصديق الناس في أن هذا هو المنزل على عيسى عليه الصلاة والسلام، ولكن المسلم يؤمن إجمالا بما أنزل الله على سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام ويبتعد عن مطالعة الكتب المحرفة التي حرم النظر فيها على العوام ففي حديث البخاري: لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أأنزل إلينا.... وقال البهوتي في كشاف القناع: ولا يجوز النظر في كتب أهل الكتاب نصا لأن النبي صلى الله عليه وسلم غضب حين رأى مع عمر صحيفة من التوراة.
أمَّا عن تحريف الإنجيل فهو أيضًا من المسلَّمات في الإسلام، ويجبُ على المسلمين أيضًا أن يؤمنوا بأنَّ الإنجيل أو الأناجيل الموجودة اليوم عند المسيحيّين ليست الكتاب الذي أنزله الله تعالى على عيسى -عليه السلام-، ولم يبقَ من الكتب التي أنزلها الله على أنبيائه إلا القرآن الكريم وباقي الكتب إما تغيرت أو تم تحريفها، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما الأناجيل التي بأيدي النصارى فهي أربعة أناجيل: إنجيل متى ولوقا ومرقس ويوحنا، وهم متفقون على أنَّ لوقا ومرقس لم يريا المسيح، إنَّما رآه متى ويوحنا، وأنَّ هذه المقالات الأربعة التي يسمّونها الإنجيل، وقد يسمُّون كل واحد منها إنجيلًا، إنما كتبها هؤلاء بعد أن رفع المسيح، فلم يذكروا فيها أنَّها كلام الله ولا أنَّ المسيح بلغها عن الله بل نقلوا فيها أشياء من كلام المسيح وأشياء من أفعاله ومعجزاته"، إذن فالأناجيل الموجودة اليوم ليست هي الكتاب الذي أنزله الله تعالى على نبيه. وقد ذكرَ الله تعالى في كتابه العزيز إلى تحريف الإنجيل في عدة مواضع، قال تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [٤] ، وقال تعالى في موضعٍ آخر: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} [٥] ، وممّا يدلُّ على تحريف الإنجيل قول ابن حزم -رحمه الله-: "كيف يستحل مسلم إنكار تحريف التوراة والإنجيل وهو يسمع كلام الله -عز وجل-: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [٦].
الإنجيل يدلُّ مصطلح الإنجيل وهي كلمة مأخوذة من اليونانية ومعناها: البشارة السارّة، على الكتاب المقدّس عندَ المسيحيّين وهو ما يشمل الكتب الأربعة الأولى من كتاب العهد الجديد وهي: متى، مرقس، لوقا، يوحنا، ويؤمن المسيحيون بأنَّ هذه الكتب هي وحيٌ من الله تعالى، وقد جاء في رسالة الرسول بولس الثانية إلى تيموتاس قوله: "كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ"، وكذلك فإنهم يجتمعون على صحّة وصدق ونقاء كل نصوص الإنجيل، وفي هذا المقال سيتمُّ التعرف على تحريف الإنجيل في الإسلام وعلى حكم قراءة الإنجيل في الإسلام. [١] تحريف الإنجيل في الإسلام ممّا لا شكَّ فيه أنَّ الإنجيل هو الكتابُ الذي أنزله الله تعالى على نبيّه عيسى بن مريم -عليه السلام- ، وقد أمر الله تعالى المسلمين في القرآن الكريم بالإيمان بما أنزل على سيّدنا عيسى -عليه السلام-، وهو الإنجيل والإيمان به من أركان الإيمان وأصوله، قال تعالى في محكم التنزيل: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [٢] ، وفي الحديث المشهور أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما سأله جبريل -عليه السلام- عن الإيمان قال: "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه وسله واليوم الآخر، وأن تؤمن بالقدر خيره وشرّه" [٣].
[١٠] المراجع [+] ↑ إنجيل, ، "، اطُّلع عليه بتاريخ 13-2-2019، بتصرف ↑ {البقرة: الآية 285} ↑ الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: أحمد شاكر، المصدر: مسند أحمد، الصفحة أو الرقم: 4/333، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح ↑ {البقرة: الآية 75} ↑ {المائدة: الآية 13} ↑ {الفتح: الآية 29} ↑ الأناجيل الموجودة اليوم كتبت بعد عيسى عليه السلام وقع فيها تحريف كثير, ، "، اطُّلع عليه بتاريخ 13-2-2019، بتصرف ↑ هل في القرآن ما يدل على أن الإنجيل لم يحرف ؟, ، "، اطُّلع عليه بتاريخ 13-2-2019، بتصرف ↑ الراوي: عبدالله بن ثابت الأنصاري، المحدث: الهيثمي، المصدر: مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 1/178، خلاصة حكم المحدث: رجاله رجال الصحيح إلا أن فيه جابر الجعفي وهو ضعيف ↑ حكم قراءة كتب أهل الكتاب, ، "، اطُّلع عليه بتاريخ 13-2-2019، بتصرف