وعلى أية حال، وبصرف النظر عن مشاعرهم الحميمية التي لن أزاحمهم فيها، سأدخل مباشرة في نقد ما أراه مستحقا للنقد والملاحظة وجديرا بالأخذ بعين الاعتبار عند التجريب والتغيير. تعالوا معي إلى المادة (3) من النظام الجديد التي تقول إن الجامعة مؤسسة أكاديمية عامة ذات شخصية اعتبارية مستقلة ماليا وإداريا، ولا تهدف للربح. وهذا شيء جميل ورائع جدا، ولكن كيف نوفق بين الاستقلال المالي للجامعة وبين أنها لا تهدف إلى الربح؟! وكيف نوفق بين الاستقلال الإداري من جهة وهي تخضع لسلطة مجلس شؤون الجامعات في التنظيم وسن اللوائح من الجهة الأخرى؟! عن أي استقلالية نتحدث؟! طالما منحنا الجامعة استقلالا ماليا فليس من المنطق حكر نشاطها المالي فيما تناله من الهبات والتبرعات وبعض الدورات والأنشطة التدريبية، ومع العلم أن النظام قد أعطى الجامعات الحق - وهو قائم منذ زمن - في إنشاء الشركات واستثمار الأبحاث والمرافق وغيرها من الأدوات الاستثمارية، إلا أنه نسف الاستقلالية المالية بنسف أول أهدافها وهو الربح! قد يقول قائل إن المقصود بالاستقلالية المالية هو الاستقلالية في المصروفات وفي المدخولات التي لا تأتي على حساب الطالب، على اعتبار أن التعليم في المملكة مجانا ولا يمكن استهداف الطالب كعميل أو مستهلك، وبالتالي تكون الاستقلالية في استقلالية الذمم المالية وإعداد الميزانيات، وما إلى هناك من أمور تتعلق بالرواتب والحوافز والمزايا، وإن كان هذا هو المقصود فعلا فإننا نكون قد خلقنا إشكالية تشريعية كبيرة، كيف؟ ستسقط الجامعات الصغيرة في فخ الاستقلالية المالية، وسنجد بونا شاسعا بين الجامعات وفرقا كبيرا في الرواتب والمزايا والمنح، لأن الصرف سيكون مربوطا بقوة الجامعة ومدى نفوذ مجلس أمنائها، وسمعتها ومكانتها، ولو أن المشرّع سكت عن الاستقلال المالي لكان خيرا، فالكل في نهاية المطاف عيال على الدولة!
29/10/2019 1- يتكون مشروع النظام من (14) فصلاً، يشتمل على (58) مادة. ٢- تحقيق الاستقلالية المنضبطة للجامعات، بحيث يمكّنها ذلك من بناء لوائحها الأكاديمية والمالية والإدارية، وفق السياسات العامة التي تقرها الدولة من خلال مجلس شؤون الجامعات المقترح. ٣- تحقيق انعكاس حقيقي لمضامين رؤية (2030) في التنظيم الإداري للجامعات، بما في ذلك الهياكل التنظيمية والصلاحيات ومؤشرات الأداء في مجالات التعليمية والبحثية والإدارية. ٤- سيمكّن النظام الجديد للجامعات من إقرار تخصصاتها وبرامجها وفق الاحتياجات التنموية وفرص العمل في المنطقة التي تخدمها. ٥- سيساهم النظام الجديد في تخفيض الكلفة التشغيلية للجامعات، وسيدفعها إلى إيجاد مصادر تمويل جديدة، ويقلل من اعتمادها على ميزانية الدولة، وذلك من خلال برامج للأوقاف، والسماح للجامعات بتأسيس الشركات الاستثمارية لتنمية مواردها المالية. ٦- سيتم إقرار ميزانية كل جامعة من خلال نظام تمويل مبتكر يعرض على مجلس الوزراء تساهم الدولة بجزء منها، وتعمل الجامعة على توفير فرص تمويل إضافية لتغطية احتياجاتها المالية. ٧- سيقوم مجلس شؤون الجامعات (والذي يدخل في عضويته كل من وزارة المالية، الخدمة المدنية, الاقتصاد, العمل)، وممثلين من القطاع الخاص، بإقرار اللوائح العامة للجامعات المالية والإدارية, وستقوم الجامعات من خلال مجالس أمنائها بوضع قواعدها التنفيذية وفقا لذلك, وهذا ما يسهم في تحقيق الاستقلالية المنضبطة للجامعات.