أما النساء فقد اختلف العلماء فيهن هل عليهن أذان وإقامة أم ليس عليهن؟ الصواب أنه ليس عليهن شيء وذلك لأن النبي أمر أم ورقة ان تتخذ مؤذنا فلو كان الأذان للنساء لاتخذت مؤذنة أو لأذنت هي ولذا في إحدى روايات أبي داود قال بعض الرواة ( فرأيت مأذنها شيخا كبيرا) ولقول ابن عمر مع ان فيه ضعفا لكن قول أنس يؤكد ما قاله ابن عمر وان كان ابن عمر اختلف رأيه وأما ما استدلوا به من حديث النبي ( النساء شقائق الرجال) فهذا عام فيدخل فيه كل شيء ومعلوم ان النساء خصص لهن أشياء تختلف على الرجال من بينها هذا الأذان وهذا هو المعنى المقصود في الشريعة لأن المرأة مأمورة بخفض صوتها والأذان إعلام فيتنافى مع هذا. ما يؤخذ من الحديث: 1- الأذان المتعارف عليه وهو لكل مسجد مؤذن يؤذن فيه أذانا حيا ومباشرا إما من على سطح المسجد كما هو قديما، وإما بواسطة مكبرات الصوت كما هو الواقع الآن. 2 - راوي الحديث هو معاوية بن أبي سفيان وأول ملوك الإسلام وخيرهم، صحابي جليل، كان من أعدل الناس سيرة، توفي رضي الله عنه سنة 60 للهجرة، ومن طعن فيه فهو ضال، ومن تجرأ عليه تجرأ على غيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صلى الله عليه وسلم ( لا تسبوا أصحابي) الحديث.
ب- إنّ فيه مخالفة للمتوارث بين المسلمين من تاريخ تشريعه في السنّة الأولى من الهجرة وإلى الآن، بنقل العمل المستمر بالأذان لكل صلاة من الصّلوات الخمس، في كل مسجد، وإن تعددت المساجد في البلد الواحد. ج- إن النية من شروط الأذان، ولهذا لا يصح من المجنون، ولا من السكران، ونحوهما، لعدم وجود النية في أدائه، فكذلك في التسجيل المذكور. د- إن الأذان عبادة بدنيّة. قال ابن قدامة رحمه الله تعالى (وليس للرجل أن يبني على أذان غيره، لأنه عبادة بدنيّة، فلا يصح من شخصين كالصلاة. هـ- إنه يرتبط بمشروعية الأذان لكل صلاة، في كلّ مسجد، سنن وآداب ، ففي الأذان عن طريق التسجيل، تفويت لها، وإماتة لنشرها، مع فوات شروط النية فيه. ن- إنه يفتح على المسلمين، باب التلاعب بالذّين، ودخول البدع على المسلمين، في عباداتهم وشعائرهم، لما يفضي إليه من ترك الأذان بالكليّة، والاكتفاء بالتّسجيل. وبناء على ما تقدم فإن مجلس المجمع الفقهي الإِسلامي برابطة العالم الإسلامي، المنعقد بدورته التاسعة، في مكة المكرمة، من يوم السبت ( 12- 7 - 1406هـ ( قرر ما يلي: إن الاكتفاء بإذاعة الأذان في المساجد، عند دخول وقت الصلاة، بواسطة آلة التسجيل ونحوها، لا يجزئ ولا يجوز في أداء هذه العبادة، ولا يحصل به الأذان المشروع، وأنه يجب على المسلمين، مباشرة الأذان لكل وقتٍ من أوقات الصلوات، في كلّ مسجدٍ، على ما توارثه المسلمون من عهد نبيّنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى الآن، والله الموفق، وقد صدرت مجموعة من الفتاوى من فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله تعالى - برقم (35) في (3- 1 - 1387هـ) ومن هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية.
والطعن في الصحابة علامة على الزندقة والعياذ بالله. 3- فضل المؤذنين الذين يؤذنون على الوجه الشرعي من حيث الاحتياط للوقت، وإقامة ألفاظ الأذان على الوضع الصحيح، والبعد عن البدع المحدثة في الأذان، وإخلاص النية لله تعالى. 4 - من المخالفات التي تقع عند بعض المؤذنين: أ - مد الباء من قوله ( أكبر) فتكون ( أكبار) وهذا فيه تغيير فاحش للمعنى. ب - مد النون من ( أن محمداً رسو له الله) فتكون ( أنا) بصيغة الجمع. ج - تبديل الحاء إلى هاء من كلمة ( الفلاح) فتكون ( الفلاه). د - تمطيط الأذان والمبالغة في ذلك وأداؤه على قوانين الألحان قال عمر بن عبد العزيز: أذن أذانا سمحاً، وإلا فاعتزلنا. وقال الإمام أحمد في التطريب في الأذان: هو محدث. 5- دليل على ان الاذان افضل من الامامة من حيث المرتبة فمرتبة المؤذنين فوق مرتبة الائمة. 6- انه لايجوز ما يفعله بعض الناس الان من كونهم يجعلون مسجلا في المسجد فاذا دخل الوقت فتح المسجل وحوَل لاقطة الميكروفون وجعله يؤذن بدلا عن المؤذن لانه لا يسقط الفرض بذلك لان هذا يعتبر حكاية صوت ماض وليس المقصود من الاذان مجرد اعلام وانما المقصود إقامة هذا الذكر فان الاذان ذكر لله تعالى. قال الشيخ مشهور حسن: وإن الأذان عن طريق مسجلات الصّوت فيه محاذير كثيرة منها: أ- تفويت الأجر والثواب على المؤذّنين، وقصره على المؤذّن الأصلي فيه مخالفة لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا حضرت الصلاة، فليؤذّن لكم أحدكم، و ليؤزمكم أكبركم).
بل إن المؤذن يُغفر له بمدى صوته، وله أجر من صلى معه: فعن البراء بن عازب رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم، والمؤذن يغفر له مدَّ صوته، ويصدقه من سمعه من رطب ويابس، وله مثل أجر من صلى معه)). وقد ورد في فضلهم أنهم أطول الناس أعناقاً يوم القيامة فعن طلحة بن يحيى عن عمه قال: كنت عند معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما فجاءه المؤذن يدعوه إلى الصلاة، فقال معاوية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة)) رواه مسلم (387). ولعل سائلاً يسأل عن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أطول الناس أعناقاً)) ما المقصود منه؟ قال الشيخ ابن العثيمين رحمه الله: "إذا بُعث الناس فإن المؤذنين يكون لهم ميزة ليست لغيرهم وهي أنهم أطول الناس أعناقاً، فيعرفون بذلك تنويهاً لفضلهم، وإظهاراً لشرفهم؛ لأنهم يؤذنون ويعلنون بتكبير الله عز وجل وتوحيده، والشهادة لرسوله صلى الله عليه وسلم بالرسالة، والدعوة إلى الصلاة وإلى الفلاح، يعلنونها من الأماكن العالية، ولهذا كان جزاؤهم من جنس العمل أن تعلو رؤوسهم، وأن تعلو وجوههم، وذلك بإطالة أعناقهم يوم القيامة، وهذا يدل على أنه ينبغي للإنسان أن يحرص على أن يكون مؤذناً حتى لو كان في نزهة هو وأصحابه، فإنه ينبغي أن يبادر لذلك ".